فصل: باب الإقالة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث مختلفة

 أحاديث الباب

روى البيهقي في ‏"‏المعرفة - في كتاب السير‏"‏ عن الحاكم بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن أبا أسد جاء إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بسبي من البحرين، فنظر عليه السلام إلى امرأة منهن تبكي، فقال‏:‏ ما شأنك‏؟‏ قالت‏:‏ باع ابني، فقال عليه السلام لأبي أسد‏:‏ أبعت ابنها‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ فيمن‏؟‏ قال‏:‏ في بني عبس، فقال عليه السلام‏:‏ اركب أنت بنفسك، فأت به، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏في‏"‏المستدرك - في البيوع - باب من فرق بين والدة وولدها‏"‏ ص 55 - ج 2، وعند الدارقطني ص 317 - ج 2، وفيه قال أبو بكر‏:‏ هذا مبهم، وهذا عندنا في السبي والولد، انتهى‏.‏‏]‏ عن أبي بكر بن عياش عن سليمان التيمي عن طليق بن محمد عن عمران بن حصين، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ملعون من فرق بين والدة وولدها‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ إسناده صحيح، ولم يخرجاه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 317 - ج 2‏]‏ عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق ابن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى، قال‏:‏ لعن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من فرق بين الوالدة وولدها، وبين الأخ وأخيه، وفي لفظ‏:‏ نهى أن يفرق، الحديث‏.‏ وذكر الدارقطني فيه اختلافًا على طليق، فمنهم من يرويه عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى، ومنهم من يرويه عن طليق عن عمران بن حصين، ومنهم من يرويه عن طليق عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، وهكذا ذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ من جهة الدارقطني، ثم قال‏:‏ وقد اختلف فيه على طليق، فرواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى، ورواه أبو بكر بن عياش عن التيمي عن طليق عن عمران بن حصين، وغير ابن عياش يرويه عن سليمان التيمي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، وهو المحفوظ عن التيمي، انتهى كلامه‏.‏ قال ابن القطان‏:‏ وبالجملة فالحديث لا يصح، لأن طليقًا لا يعرف حاله، وهو خزاعي، انتهى كلامه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الجهاد - باب في التفريق بين السبي‏"‏ ص 12 - ج 2، وفي المستدرك - وفي البيوع - باب من فرق بين والدة وولدها‏"‏ ص 55 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 317‏.‏‏]‏ في ‏"‏الجهاد‏"‏ عن يزيد بن أبي خالد الدالاني عن الحكم ابن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن علي أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه عليه السلام عن ذلك‏.‏ ورد البيع، انتهى‏.‏ وضعفه أبوداود بأن ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عليًا، ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في البيوع - وفي الجهاد‏"‏، وقال في الموضعين‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، انتهى‏.‏

- الحديث التاسع عشر‏:‏ روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وهب لعلي غلامين أخوين صغيرين، ثم قال له‏:‏ ما فعل الغلامان‏؟‏ فقال‏:‏ بعت أحدهما، فقال له‏:‏ أدرك أدرك، قال‏:‏ ويروى أردد أردد‏.‏

قلت‏:‏ أخرجه الترمذي، وابن ماجه ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البيوع - باب ما جاء في كراهية أن يفرق بين الأخوين، أو والدة وولدها‏"‏ ص 166 - ج 1، وعند ابن ماجه في ‏"‏البيوع - باب النهي عن التفريق بين السبي‏"‏ 163 - ج 2‏]‏ عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن علي، قال‏:‏ وهب لي رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ يا علي ما فعل غلامك‏؟‏ فأخبرته، فقال رده رده، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن غريب، انتهى‏.‏ قال أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الجهاد - باب في التفريق بين السبي‏"‏ ص 12 - ج 2‏]‏‏:‏ ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عليًا، فإنه قتل بالجماجم سنة ثلاث وثمانين، انتهى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 316، وفي ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ص 54 - ج 2‏]‏ والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ عن شعبة عن الحكم بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي، قال‏:‏ قدم على النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سبي، فأمرني ببيع أخوين، فبعتهما، وفرقت بينهما، ثم أتيت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأخبرته، فقال‏:‏ أدركهما، فارتجعهما، وبعهما جميعًا، ولا تفرق بينهما، انتهى‏.‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ ورواية شعبة لا عيب بها، وهي أول ما اعتمد في هذا الباب، انتهى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه أحمد، والبزار في ‏"‏مسنديهما‏"‏ عن سعيد بن أبي عروبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي أمرني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن أبيع غلامين أخوين، فبعتهما، ففرقتهما، فذكرت ذلك للنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ أدركهما، فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعًا، انتهى‏.‏ قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ هذا إسناد رجاله رجال الصحيحين، إلا أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئًا، قاله أحمد، والنسائي والدارقطني، وغيرهم، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏، وبينهما رجل مجهول، فقال‏:‏ أخبرنا محمد بن سواء ثنا ابن أبي عروبة عن صاحب له عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن به‏.‏

- قوله‏:‏ وفيه ترك للرحمة على الصغار، وقد أوعد عليه، قلت‏:‏ في الباب حديث‏:‏ ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، روي من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث أنس، ومن حديث عبادة بن الصامت، ومن حديث أبي أمامة، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر، ومن حديث واثلة، ومن حديث ضميرة‏.‏

- فحديث عبد اللّه بن عمرو‏:‏ رواه أبو داود في ‏"‏الأدب‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الأدب - باب في الرحمة‏"‏ ص 320 - ج 2‏]‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن ابن عامر عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من لم يرحم صغيرنا، ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا‏"‏، انتهى‏.‏ وكذلك رواه البخاري في كتابه ‏"‏المفرد في الأدب‏"‏، وسمى ابن عامر عبيد اللّه بن عامر‏.‏

- وله طريق آخر‏:‏ أخرجه الترمذي في ‏"‏البر والصلة‏"‏ ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البر والصلة - باب ما جاء في رحمة الصبيان‏"‏ ص 14 - ج 2، وفي ‏"‏المستدرك - باب ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا‏"‏ ص 62 - ج 1‏.‏‏]‏ عن محمد بن إسحاق عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا نحوه‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن صحيح، ورواه البخاري في ‏"‏كتابه المفرد في الأدب‏"‏، وقال فيه‏:‏ عن جده عبد اللّه بن عمرو، ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في كتاب الإيمان‏"‏، وقال‏:‏ على شرط مسلم‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه الترمذي أيضًا ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البر والصلة - باب ما جاء في رحمة الصبيان‏"‏ ص 14 - ج 2‏]‏ عن شريك عن ليث بن أبي سليم عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا نحوه، وقال‏:‏ حديث غريب، ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏، وضعفه ابن القطان، وقال‏:‏ إنه من رواية شريك عن ليث بن أبي سليم، وكلاهما فيه مقال، انتهى‏.‏

- وأما حديث أنس‏:‏ فأخرجه الترمذي أيضًا ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البر والصلة - باب ما جاء في رحمة الصبيان‏"‏ ص 14 - ج 2‏]‏ عن زربى عن أنس مرفوعًا نحوه، وقال‏:‏ حديث غريب، قال‏:‏ وزربى له مناكير عن أنس، وغيره، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا أبو ياسر عمار ثنا يوسف بن عطية ثنا ثابت عن أنس مرفوعًا‏:‏ ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، انتهى‏.‏ ورواه الحارث بن أبي أسامة في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا يعلى بن عباد ثنا عبد الحكم ثنا أنس، فذكره‏.‏

- وأما حديث عبادة بن الصامت‏:‏ فرواه الطحاوي في ‏"‏المشكل‏"‏ حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أخبرني مالك بن الخير الزيادي ‏[‏قال في ‏"‏اللسان‏"‏ ص 3 - ج 5‏:‏ مالك بن الخير الزيادي سكن مصر، محله الصدق، يروي عن أبي قبيل عن عبادة رضي اللّه عنه‏:‏ ليس منا من لم يبجل كبيرنا، يروى عنه حيوة بن شريح، وهو من طبقة ابن وهب، وزيد بن الحباب، ورشدين، قال ابن القطان‏:‏ وهو ممن لم تثبت عدالته، يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة، وفي رواية الصحيحين عدد كثير، ما علمنا أن أحدًا نص على توثيقهم، والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة، ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح، انتهى‏]‏ عن أبي قبيل عن عبادة بن الصامت أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏، قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ ومالك بن الخير الزيادي روى عنه جماعة‏:‏ منهم ابن وهب، وحيوة بن شريح، وزيد بن الحباب، وبهذا الاعتبار سكت عنه أبو محمد عبد الحق، وهو ممن لم تثبت عدالته، انتهى‏.‏ ورواه الترمذي الحكيم في ‏"‏نوادر الأصول‏"‏ بلفظ‏:‏ ليس من أمتي‏.‏

- وأما حديث أبي أمامة‏:‏ فرواه البخاري في ‏"‏كتابه المفرد في الأدب‏"‏ حدثنا محمود ثنا يزيد ابن هارون أنبأ الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة مرفوعًا نحو الأول، ورواه الطبراني أيضًا في ‏"‏معجمه‏"‏‏.‏

- وأما حديث أبي هريرة‏"‏ فرواه البخاري أيضًا في ‏"‏كتابه المفرد في الأدب‏"‏ حدثنا أحمد ابن عيسى ثنا عبد اللّه بن وهب عن أبي صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة مرفوعًا باللفظ الأول، ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في آخر البر والصلة‏"‏ ص 178 - ج 4‏.‏

‏]‏ - في آخر البر والصلة‏"‏، وصحح إسناده‏.‏

- وأما حديث جابر‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ حدثنا محمد بن محمد التمار ثنا سهل ابن تمام بن بزيع ثنا مبارك بن فضالة عن أبي الزبير عن جابر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، بلفظ حديث أنس‏.‏

- وأما حديث واثلة‏:‏ فأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي المديني ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا مسعر بن عيسى ثنا عبد اللّه بن يحيى بن عطاء بن سليل عن الزهري عن واثلة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يجل كبيرنا‏"‏‏.‏

- وأما حديث ضميرة‏:‏ فأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا أحمد بن سهيل بن أيوب الأهوازي ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني حسين بن عبد اللّه بن ضميرة عن أبيه عن جده، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يعرف حق كبيرنا، وليس منا من غشنا، ولا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه‏"‏‏.‏

- الحديث العشرون‏:‏ روي أنه عليه السلام فرق بين مارية وسيرين،

قلت‏:‏ رواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا محمد بن زياد ثنا سفيان بن عيينة ثنا بشير بن المهاجر عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه، قال‏:‏ أهدى المقوقس القبطي لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ جاريتين، وبغلة كان يركبها، فأما إحدى الجاريتين فتسراها، فولدت له إبراهيم، وهي مارية، أم إبراهيم، وأما الأخرى فوهبها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لحسان بن ثابت، وهي أم عبد الرحمن بن حسان، انتهى‏.‏ قال البزار‏:‏ هذا حديث وهم فيه محمد بن زياد، فرواه عن ابن عيينة عن بشير بن المهاجر، وابن عيينة ليس عنده عن بشير بن مهاجر، ولكن روى هذا الحديث عن بشير بن مهاجر حاتم بن إسماعيل، ودلهم بن دهثم، انتهى‏.‏

قلت‏:‏ هكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا خالد بن خداش ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا بشير بن المهاجر به سندًا ومتنًا، وذكر أن هذا الحديث في ‏"‏صحيح ابن خزيمة‏"‏، وأخرجه البيهقي في ‏"‏دلائل النبوة‏"‏ بسند آخر مرسل من طريق ابن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الرحمن ابن عبد القاري أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية بكتاب، فقبل الكتاب، وأكرم حاطبًا، وأحسن نزله، وسرحه إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأهدى له مع حاطب كسوة، وبغلة مسروجة، وخادمتين ‏[‏قلت‏:‏ وفي ‏"‏فتح القدير‏"‏ ص 245 - ج 5‏"‏وجاريتين‏"‏‏.‏‏]‏‏:‏ إحداهما أم إبراهيم، وأما الأخرى‏:‏ فوهبها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لجهم بن قيثم العبدي‏.‏ وهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر، انتهى‏.‏ وهذا مخالف ‏[‏قال ابن الهمام في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 245 - ج 5 بعد ذكر هذه الرواية التي فيها‏:‏ فأهدى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث جوار، فهذا يعلم من ألفاظ الحديث وطرقه، وليس في شيء منها أن الجاريتين كانتا أختين، وهو موضع الاستدلال، لا جرم ذكر أبو الربيع سليمان الكلاعي في كتاب الاكتفاء عن الواقدي، بإسناد له‏:‏ أن المقوقس أرسل إلى حاطب ليلة، إلى أن قال‏:‏ فارجع إلى صاحبك، فأمرت له بهدايا، وجاريتين فارهتين، وبغلة من مراكبي، وألف مثقال ذهبًا، وعشرين ثوبًا من لين، وغير ذلك، وأمرت لك بمائة دينار، وخمسة أثواب، فارحل من عندي، ولا تسمع منك القبط حرفًا واحدًا، فهذا مع توثيق الواقدي، دليل على المطلوب، وقد أسلفنا توثيقه، وكرر ذلك ابن عبد البر في ‏"‏الاستيعاب‏"‏ ونقله أحمد بن عبد اللّه الطبري عن أبي عبيدة في خاتمة مناقب أمهات المؤمنين، واللّه أعلم بذلك، انتهى‏]‏ لما رواه البزار أن الأخرى أهداها لحسان، ويجمع بينهما بحديث آخر رواه البيهقي عقيب الحديث المذكور من حديث أبي بشر أحمد بن محمد الدولابي ثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد الفهري ثنا هارون بن يحيى الحاطبي ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن جده حاطب ابن أبي بلتعة، قال‏:‏ بعثني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى المقوقس ملك الإسكندرية، فجئته بكتاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأنزلني في منزله، وأقمت عنده، ثم بعث إليّ، وقد جمع بطارقته، إلى أن قال‏:‏ وهذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد، قال‏:‏ فأهدى إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ثلاث جوار منهن أم إبراهيم ابن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وواحدة وهبها عليه السلام لأبي جهيم بن حذيفة العدوي، وواحدة وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري، مختصر‏.‏

 أحاديث مختلفة

 أحاديث الباب

أخرج مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الجهاد - باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى‏"‏ ص 89 - ج 2‏]‏ في ‏"‏الجهاد‏"‏ عن سلمة بن الأكوع، قال‏:‏ خرجنا مع أبي بكر، فغزونا فزارة، إلى أن قال‏:‏ فجئت بهم إلى أبي بكر، وفيهم امرأة معها ابنة لها من أحسن العرب، فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمت المدينة‏:‏ فقال لي عليه السلام‏:‏ يا سلمة هب لي المرأة، قلت‏:‏ هي لك، ففدى بها أسارى بمكة، مختصر‏.‏ والحديث فيه ثلاثة أحكام‏:‏ التفريق بين الكبار، وبه بوّب عليه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الجهاد - باب الرخصة ففي المدركين يفرق بينهم‏"‏ ص 12 ج 2‏]‏ باب ‏"‏التفريق بين المدركات‏"‏، وفيه التنفيل، والفداء بالأسارى، وبه بوّب عليه مسلم‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، والدارقطني، في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في البيوع - باب نهي التفريق بين الأم وولدها‏"‏ ص 55 - ج 2، وفي الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 317 - ج 2، وراجع ترجمة عبد اللّه بن عمرو الواقعي في ‏"‏اللسان‏"‏ ص 320 - ج 3‏]‏ من حديث عبد اللّه بن عمرو بن حسان ثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت مكحولًا يقول‏:‏ حدثنا نافع بن محمود بن الربيع عن أبيه أنه سمع عبادة بن الصامت يقول‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يفرق بين الأم وولدها فقيل‏:‏ يا رسول اللّه إلى متى‏؟‏ قال‏:‏ حتى يبلغ الغلام، وتحيض الجارية، انتهى‏.‏ قال الحاكم‏:‏ حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وهذا خطأ، والأشبه أن يكون هذا الحديث موضوعًا، ولم يخرجه أحمد، ولا أحد من أصحاب الكتب الستة، وقال الدارقطني‏:‏ عبد اللّه بن عمرو بن حسان هو الواقعي، وهو ضعيف الحديث، رواه علي بن المديني بالكذب، ولم يروه عن سعيد غيره، انتهى‏.‏ وقال شيخنا شمس الدين الذهبي في ‏"‏مختصر المستدرك‏"‏‏:‏ بل هو حديث موضوع، فإن عبد اللّه بن حسان كذاب، انتهى‏.‏

 باب الإقالة

- حديث واحد‏:‏ عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏

- ‏"‏من أقال نادمًا بيعته، أقال اللّه عثرته يوم القيامة‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب فضل الإقالة‏"‏ ص 134 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏البيوع‏"‏ فيه‏:‏ ص 160، وفي ‏"‏المستدرك - في البيوع - باب من أقال مسلمًا أقال اللّه عثرته‏"‏ ص 45 - ج 2، وعند البيهقي في ‏"‏السنن - في البيوع - باب من أقال المسلم إليه بعض السلم‏"‏ ص 27 - ج 6‏]‏ عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من أقال مسلمًا بيعته أقال اللّه عثرته‏"‏، زاد ابن ماجه‏:‏ يوم القيامة، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الأول، من القسم الأول، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وقال‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وقال ابن حبان فيه‏:‏ يوم القيامة، دون الحاكم، ونادمًا عند البيهقي‏.‏

 باب المرابحة والتولية

- الحديث الأول‏:‏ قال المصنف‏:‏ وقد صح أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما أراد الهجرة ابتاع أبو بكر رضي اللّه عنه بعيرين، فقال له النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ولني أحدهما، فقال‏:‏ هو لك بغير شيء، فقال‏:‏ أما بغير ثمن فلا‏"‏،

قلت‏:‏ غريب، وروى عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قالت‏:‏ التولية والإقالة سواء، لا بأس به، أخبرنا ابن جريج عن ربيعة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حديثًا مستفاضًا بالمدينة، قال‏:‏ من ابتاع طعامًا، فلا يبعه حتى يقبضه، ويستوفيه، إلا أن يشرك فيه، أو يوليه، أو يقيله، انتهى‏.‏

- وحديث أبي بكر‏:‏ في ‏"‏البخاري‏"‏ ‏[‏قلت‏:‏ عند البخاري في مواضع، وهذا اللفظ أخرجه في ‏"‏المناقب - باب هجرة النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة‏"‏ ص 553 - ج 1 في حديث طويل‏.‏‏]‏ عن الزهري عن عروة عن عائشة، وفيه أن أبا بكر قال للنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ خذ - بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه - إحدى راحلتي هاتين، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏بالثمن‏"‏، الحديث‏.‏ ليس فيه غير ذلك، أخرجه في ‏"‏بدء الخلق‏"‏، ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، ولفظه‏:‏ فأعطاه أبو بكر إحدى الراحلتين، فقال‏:‏ خذها يا رسول اللّه فاركبها، فقال عليه السلام‏:‏ قد أخذتها بالثمن ‏[‏قال السهيلي في ‏"‏الروض الأنف‏"‏ حين مر على هذا الحديث‏:‏ فسئل بعض أهل العلم لِمَ لم يقبلها إلا بالثمن، وقد أنفق أبو بكر عليه من ماله ما هو أكثر من هذا فقبل، وقد قال عليه السلام، ‏"‏ليس من أحد أمّن عليّ في أهل ومال من أبي بكر‏"‏، وقد دفع إليه حين بنى بعائشة ثنتي عشرة أوقية ونشًا، فلم يأب من ذلك‏؟‏ فقال المسئول‏:‏ إنما ذلك لتكون هجرته إلى اللّه بنفسه وماله، رغبة منه عليه السلام في استكمال فضل الهجرة، وأن تكون الهجرة والجهاد على أتم أحوالهما، وهو قول حسن، انتهى‏]‏ الحديث‏.‏ وفي ‏"‏الطبقات‏"‏ لابن سعد ‏[‏عند ابن سعد في ذكر خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر إلى المدينة للّهجرة‏:‏ ص 153 - القسم الأول من الجزء الأول - فسماها القصراء، وذكر السهيلي أن تلك الناقة تسمى بالجدعاء، وهي غير العضباء التي جاء فيها الحديث، انتهى‏]‏ وكان أبو بكر قد اشتراهما بثمانمائة درهم من نعم بني قشير، فأخذ إحداهما، وهي القصواء، الحديث‏.‏ وأخرج ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ عن الحسن، وابن سيرين، والشعبي، وطاوس، قالوا‏:‏ التولية بيع، وأخرج نحوه عن الزهري، وزاد‏:‏ ولا بيع حتى يقبض، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ روي أنه عليه السلام نهى عن بيع ما لم يقبض،

قلت‏:‏ فيه أحاديث‏:‏ منها ما أخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في بيع الطعام قبل أن يستوفي‏"‏ ص 138 - ج 2، عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 294 - ج 2‏]‏ عن ابن إسحاق حدثني أبو الزناد عن عبيد بن حنين عن عبد اللّه بن عمر، قال‏:‏ ابتعت زيتًا في السوق، فلما استوجبته لقيني رجل، فأعطاني فيه ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت، فإذا زيد بن ثابت، قال‏:‏ لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، فإن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وصححه، وقال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ في سنده عبيد، فإن ابن إسحاق صرح فيه بالتحدث، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه النسائي في ‏"‏سننه الكبرى‏"‏ عن يعلى بن حكيم عن يوسف بن ماهك عن عبد اللّه بن عصمة عن حكيم بن حزام، قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه إني رجل أبتاع هذه البيوع وأبيعها فما يحل لي منها، وما يحرم‏؟‏ قال‏:‏ لاتبيعن شيئًا حتى تقبضه، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، وابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في القسم الثاني، وهو قسم النواهي، ولفظه‏:‏ قال‏:‏ إذا ابتعت بيعًا، فلا تبعه حتى تقبضه، انتهى‏.‏ قال ابن حبان‏:‏ وهذا الخبر مشهور عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام، ليس بينهما ابن عصمة، وهو خبر غريب، انتهى‏.‏ وترجم عليه ذكر الخبر الدال على أن كل شيء سوى الطعام حكمه حكم الطعام في النهي عن بيعه قبل القبض، انتهى‏.‏ وأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن عامر الأحوال عن يوسف بن ماهك عن ابن عصمة به، وبسند النسائي رواه الدارقطني، ثم البيهقي في ‏"‏سننيهما‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 292 - ج 2، وعند البيهقي في ‏"‏السنن - باب النهي عن بيع ما لم يقبض، وإن كان غير طعام‏"‏ ص 313 - ج 5‏]‏ قال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏‏:‏ وقد رواه قاسم بن أصبغ في ‏"‏كتابه‏"‏ عن همام ثنا يحيى أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف حدثه أن حكيم بن حزام حدثه، فذكره، هكذا ذكر يعلى سماع يوسف بن ماهك من حكيم بن حزام، وهشام الدستوائي يرويه عن يحيى، فيدخل بين يوسف، وحكيم عبد اللّه بن عصمة، وكذلك هو بينهما في غير حديث، وعبد اللّه بن عصمة ضعيف جدًا، انتهى‏.‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ هكذا رواه قاسم بن أصبغ، وأنا أخاف أن يكون سقط من الإسناد ابن عصمة، ورواية الدارقطني تبين ذلك، قال‏:‏ وذكر ابن حزم في ‏"‏كتابه‏"‏ رواية قاسم بن أصبغ، وقال‏:‏ إن يعلى بن حكيم ثقة، وقد ذكر سماع يوسف من حكيم، فيصير سماع يوسف من ابن عصمة عن حكيم لغوًا، لأنه إذا سمعه من حكيم فلا يضره أن يسمعه من غير حكيم عن حكيم، انتهى‏.‏ وقال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ قال ابن حزم‏:‏ عبد اللّه بن عصمة مجهول، وصحح الحديث من رواية يوسف نفسه عن حكيم، لأنه صرح في رواية قاسم بن أصبغ بسماعه منه، والصحيح أن بين يوسف، وحكيم فيه عبد اللّه بن عصمة، وهو الجشمي حجازي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ بعد ذكره هذا الحديث‏:‏ عبد اللّه بن عصمة ضعيف جدًا، وتبعه على ذلك ابن القطان، وكلاهما مخطئ في ذلك، وقد اشتبه عليهما عبد اللّه بن عصمة هذا بالنصيبي، أو غيره، ممن يسمى عبد اللّه بن عصمة، انتهى كلامه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الأئمة الستة في ‏"‏كتبهم‏"‏ ‏[‏عند البخاري في ‏"‏البيوع - باب بيع الطعام قبل أن يقبض‏"‏ ص 286 - ج 1، وعند مسلم ‏"‏باب بطلان بيع المبيع قبل القبض‏"‏ ص 5 - ج 2‏]‏ عن طاوس عن ابن عباس، قال‏:‏ الذي نهى عنه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فهو الطعام أن يباع حتى يقبض، قال ابن عباس‏:‏ ولا أحسب كل شيء إلا مثله، انتهى‏.‏ وقد استدل ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ لمذهبنا في منع التصرف في المبيع قبل القبض غير العقار بثلاثة أحاديث المذكورة، ثم قال‏:‏ وقد حمل أصحابنا هذه الأحاديث على غير المتميز، ثم استدل لمذهبه في الجواز بحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في اقتضاء الذهب من الورق‏"‏ ص 120 - ج 2، وعند الترمذي في ‏"‏البيوع - باب ما جاء في الصرف‏"‏ ص 161 - ج 1، وعند النسائي في ‏"‏البيوع - باب أخذ الورق من الذهب، والذهب من الورق‏"‏ ص 223 - ج 2، وعند ابن ماجه في البيوع - باب اقتضاء الذهب من الورق، والورق من الذهب‏"‏ ص 165، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 299‏]‏ عن سماك عن سعيد ابن جبير عن ابن عمر، قال‏:‏ كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير، فأتيت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وهو يريد أن يدخل حجرته، فأخذت بثوبه، فسألته، فقال‏:‏ إذا أخذت واحدًا منهما بالآخر، فلا يفارقك وبينك وبينه بيع، انتهى‏.‏ وصححه الحاكم، والدارقطني، وقال الترمذي‏:‏ لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك ‏[‏قال ابن الهمام في ‏"‏الفتح‏"‏ 270 - ج 5، وقول الترمذي‏:‏ لانعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك، لا يضره، وإن كان شعبة قال‏:‏ حدثني قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر لم يرفعه، وحدثني داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يرفعه، وحدثني فلان، أراه أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يرفعه، ورفعه سماك، وأنا أهابه، لأن المختار في تعارف الرفع والوقف تقديم الرفع، لأنه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ولأن الظاهر من حال ابن عمر وشدة اتباعه للأثر أنه لم يكن يقتضي أحد النقدين عن الآخر مستمرًا من غير أن يكون عرفه عنه صلى اللّه عليه وسلم، وأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يفارقه، وبينهما بيع، معناه دين من ذلك البيع، لأنه صرف، فمنع النسيئة فيه، انتهى‏]‏، وروى داود بن أبي هند هذا عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا، انتهى‏.‏ وأخرجه النسائي عن أبي هاشم عن سعيد عن ابن عمر‏.‏

- قوله‏:‏ ومن حديث موسى بن نافع عن سعيد قوله‏:‏ وقال عبد اللّه بن أحمد حدثني أبي عن أبي داود، قال‏:‏ كنت عند شعبة، فجاءه خالد بن طليق - يعني ابن محمد بن عمران بن حصين - قال‏:‏ فسألته عن حديث سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في اقتضاء الذهب من الورق، والورق من الذهب، فقال له شعبة‏:‏ أصلحك اللّه، حدثني قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر لم يرفعه، وحدثني داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يرفعه، ورفعه سماك، وأنا أهابه، انتهى‏.‏ من ‏"‏التنقيح‏"‏‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع، وصاع المشتري،

قلت روي من حديث جابر، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث أنس، ومن حديث ابن عباس‏.‏

- فحديث جابر‏:‏ أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏البيوع - باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض‏"‏ ص 162 - ج 1 وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 292 - ج 2‏]‏ عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر، قال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع، وصاع المشتري، انتهى‏.‏ ورواه ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، والبزار في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، ورواه الدارقطني، والبيهقي في ‏"‏سننيهما‏"‏، وهو معلول بابن أبي ليلى‏.‏

- وأما حديث أبي هريرة‏:‏ فرواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا مسلم الجرمي ثنا مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، فذكره سواء، وزاد فيه‏:‏ فيكون لصاحبه الزيادة، وعليه النقصان، وقال‏:‏ لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه‏.‏

- وأما حديث أنس‏:‏ فأخرجه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن خالد بن يزيد القشيري ثنا عبد اللّه ابن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك، قال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، بلفظ حديث أبي هريرة، قال ابن عدي‏:‏ هذا حديث منكر لا يرويه بهذا الإسناد غير خالد بن يزيد، وعن خالد أحمد بن بكر البالسي، وأنا أخاف أن يكون البلاء فيه من أحمد بن بكر لا من خالد، فإن أحمد ضعيف، ثم ضعف خالدًا، وقال‏:‏ إن أحاديثه لا يتابع عليها، ومع ضعفه يكتب حديثه، قال‏:‏ ولم أر للمتقديمن فيه كلامًا، فأردت أن أبين ضعفه‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه ابن عدي أيضًا عن معلى بن هلال الطحان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لا يباع طعام حتى يكال بالصاعين، صاع البائع، وصاع المشتري‏"‏، انتهى‏.‏ وأسند إلى البخاري، والنسائي، وأحمد، والسعدي في معلى بن هلال أنه كذاب وضّاع، ووافقهم على ذلك‏.‏

- حديث آخر، مرسل‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا حفص عن هشام عن الحسن قال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، بلفظ حديث جابر‏.‏

- حديث آخر‏:‏ في الباب، رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير أن عثمان بن عفان، وحكيم بن حزام كانا يبتاعان التمر، ويجعلانه في غرائر، ثم يبيعانه بذلك الكيل، فنهاهما رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يبيعاه حتى يكيلاه لمن ابتاعه منهما، انتهى‏.‏

-